Où Va l'enseignement en Tunisie depuis 1958

Publié le par BOUCHADEKH Abdessalem

تعريب التعليم في تونس منذ إصلاح 1958

20-10-2007-

بقلم كمال الساكري

*توطئة - لا شك في أن قضية تعريب التعليم في تونس منذ الاستقلال كانت وثيقة الصلة بتركة الاستعمار ومواقف النخب والساسة وبرامجها المستقبلية التربوية والثقافية والسياسية.

فقد ورثت تونس المستقلة ثلاث قضايا كبرى في ميدان التعليم من الحماية الفرنسية وهي قضية تعدد المدارس وأنواع التعليم وبالتالي تعدد العقليات وقضية نخبوية التعليم التي أدت إلى حصر التعليم العصري في الأرستقراطية المدينية وأبناء الموظفين من جهة و"تخصيص" التعليم العربي الإسلامي التقليدي الزيتونة لأبناء القرى والأرياف من جهة ثانية

وأخيرا قضية الازدواجية الثقافية وهيمنة اللغة العربية ولئن كان المجال لا يسمح بتناول القضيتين الأوليين فإننا سنركز على القضية الثالثة قضية التعريب.

I.مواقف النخبة التونسية من التعريب قبل 1958:

ولقد طرحت النخبة مسألة التعريب قبيل إصلاح التعليم 4 نوفمبر 1958 وتناولت مجلة "الندوة" التونسية استفتاء حول قضية الفرنسية والتعريب في تونس بهذه الصيغة "كيف ترون بقاء الفرنسية في التعليم؟" فجاءت أجوبة الشخصيات التونسية التي ستتقلد مهام رسمية في عهد الاستقلال مختلفة متباينة بل ومتناقضة فقد أجاب الطيب المهيري مدير الديوان السياسي في الحزب الدستوري آنذاك (1954) قائلا "... نحن متمسكون بمبدأ التعليم بلغتنا العربية وسنظل مكافحين حتى يتحقق هذا الغرض المقدس، إلا أن الدستور حزب واقعي لا ينظر إلى الأشياء إلا بمنظار عملي.

ففي تونس حالة واقعة لا يمكن القضاء عليها بجرة من أقلامنا لذلك سنتوخى في هذا الصدد طريقة التدرج سالكين فيها سيرا حثيثا يتفق مع برامجنا المستقبلية في التعليم، تلك البرامج التي تسطر درس اللغات الأجنبية عامة واللغة الفرنسية خاصة لما لثقافة هذه اللغة الأخيرة من روابط عقلية متينة تربطنا وأهلها".

أما أحمد بن صالح، الأمين العام لاتحاد العام التونسي للشغل آنذاك والذي تولى في تونس المستقلة كتابة الدولة للتربية الوطنية فترة من الزمن في أواخر الستينات بالإضافة إلى منصبه الأساسي يوم ذاك كوزير للاقتصاد والتخطيط فقد أجاب عن السؤال المذكور قائلا: "لا حرج من بقاء اللغة الفرنسية كلغة ثانوية أساسية إلى جانب تشجيع اللغات الأجنبية الأخرى بالخصوص الإنكليزية والاسبانية".

وواضح أن هذين المسؤولين الكبيرين قد اختارا الازدواجية التي تعني مواصلة السير في نفس المسار الذي كرسته الحماية الفرنسية منذ احتلال تونس وباركته جماعة "تونس الفتاة" بزعامة على باش حامبة. مسار التثقيف بالفرنسية وتعلم اللغة العربية الشيء الذي يعني عمليا مواصلة تدريس العلوم والرياضيات بالغة الفرنسية في جميع مراحل التعليم والجدير بالتنويه أن مثل هذا المسار لم يكن محل إجماع

فقد طالب الشاذلي القليبي الوجه العروبي المعروف الذي شغل مناصب حكومية وحزبية عدية في تونس المستقلة قبل أن يصبح أمينا عاما للجامعة العربية ومنذ 1955 بالتعريب قائلا إنه لأساسي أن يقتنع مسؤولونا بأن التربية يجب أن تكون منسجمة مع روح الأمة، مع ماضيها التاريخي والثقافي، مع واقعها الاجتماعي، مع لغتها القومية أو أن تجازف بها.. (ولا توحيد التعليم) إلا على أساس تعريب التعليم كاملا من غير مساس بالغات الحية التي يجب أن تكون لها مكانة هامة".

II. الإصلاح التربوي 1958 والتعريب:

يندرج الإصلاح التربوي 4 نوفمبر 1958 ضمن المخطط التنموي العشاري (1958-1968) ويرتكز على المبادئ التالية (توحيد التعليم وتعميمه ثم التعريب) وفيما يتعلق بالتعريب فقد أقر إصلاح 1958 تعريب الابتدائي سنة بعد أخرى وتعريب الثانوي حسب خطة تنطلق من التعدد إلى الوحدة وذلك بإحداث ثلاث شعب:

شعبة "أ": تكون هي القارة وتدرس فيها جميع المواد بالعربية وتعوض الشعبة العصرية الزيتونية كما تكون مصيرا للشعبتين التاليتين.

شعبة "ب": وهي انتقالية فيها أغلب المواد بالفرنسية، العلوم والرياضيات، وتعوض الشعب الأخرى كشعبة الصادقية (أسسها خير الدين باشا سنة 1875 وكانت تجمع بين التعليم الزيتوني والتعليم العصري ذاك في شيوخه وهذا في أساليبه وطرائقه..) والشعبة العصرية (المعاهد ذات الصيغة والمناهج الفرنسية البحتة) والشعبة الفنية وتتحول تدريجيا إلى شعبة مندمجة في الشعبة السابقة القارة "أ".

شعبة "ج": انتقالية كذلك مفرنسة تدرس فيها اللغة العربية كلغة حية تعوض ما كان يسمى بالشعب العصرية والفنية العادية وتتطور نحو الاندماج في الشعبة "ب" على طريق الاندماج في شعبة "أ" في نهاية المطاف.

ولقد نص المخطط العشاري كذلك على جملة أهداف واختيارات مبدئية نظرية مثل: الحفاظ على القيم الثقافية الوطنية وإحياؤها والتفتح على الثقافة العصرية والعزم على اللحاق بركب الحضارة التكنلوجية وتحقيق التنمية بالنهوض بالإنسان إلخ...

تلك هي ملامح المخطط وأهدافه والتي أوكل لوزارات التربية تنفيذها مباشرة تحت إشراف محمود المسعدي.
كما شهد التعليم تطورا بصدور قرار إنشاء الجامعة التونسية بتاريخ 31 مارس 1960.

غير أن اللافت للانتباه حقا هو لجوء السلطات التونسية آنذاك إلى تكليف خبير فرنسي يدعى جان دوبييس عمل كأستاذ في تونس في أواخر عهد الحماية (1881-1956) ثم عين كمراقب عام للتعليم.

وفي خريف 1957 قام بجولة في المؤسسات التعليمية التونسية، على طول البلاد وعرضها وأجرى اتصالات مع المسؤولين عنها وكان قد كلفته السلطة بإعداد تقرير حول إصلاح التعليم بتونس. وهو ولا شك مشروع مضاد لإصلاح 1958.

وقد حرر هذا الخبير تقريره بالغة الفرنسية في نحو 60 صفحة تحت عنوان "مشروع إصلاح التعليم في تونس جانفي 1958).

وبعد أن حلل صاحب التقرير الوضعية التعليمية في تونس مركزا على الصعوبات المالية ومشاكل التأطير انتقل إلى ما أسماه بـ"الصعوبات اللغوية" التي تجعل تدريس العلوم بالعربية ينطوي على "مخاطرة" لأن اللغة العربية ،في نظره، "ليست مهيأة لذلك !!"

وبعد أن أكد على موقع تونس كـ"صلة وصل بين الشرق والغرب" مما جعلها تتوفر في نظره على موهبة الازدواج اللغوي" أشار إلى حاجة تونس إلى موارد مالية خارجية وإلى أن تعلم التونسيين للفرنسية سيجعل في إمكانهم إرسال مائة ألف عامل إلى فرنسا كل سنة !!

وانتهي إلى أن الازدواجية في التعليم هي وحدها التي تستجيب لحاجيات الدولة الفتية مذكرا بالتعليم "الصادقي" ودوره في تكوين النخبة التونسية. ثم تخلص هذا الخبير إلى ذكر أهم المبادئ التي يراها كفيلة بنهضة تونس وتقدمها

خلال المخطط العشاري 1958-1969. منها تعميم التعليم في صفوف الذكور والإناث وتوجيه التعليم توجيها علميا تقنيا بما يحقق الإنماء الاقتصادي والحفاظ على المكاسب التي تحققت قبل 1958 والتي مكنت تونس من "نخبة ممتازة" وهم المسؤولون على حظوظ الجمهورية آنذاك...

أما نتائج هذين المشروعين (أي مشروع اللجنة الوطنية التونسية ومشروع دوبييس) تجلت في النقاط التالية.

1.- على صعيد توحيد التعليم: تم إلغاء المدارس القرآنية وأصبحت المدرسة الحكومية الحديثة هي وحدها المدرسة الابتدائية ذات البرامج الموحدة والمضمون الوطني.

وعوض أن تعرب شعبة "أ" ويؤول إليها تلامذة التعليم الثانوي فقد تعثر التعريب بها لعدم إعداد الأساتذة والكتب والمصطلحات العلمية فكانت تجربة مرتجلة واكتنفتها العشوائية مما سهل خصوم التعريب.

وهكذا تقرر جعل الشعبة "ب" المزدوجة هي الشعبة القارة وصفيت شعبة "أ" التي انتقل إليها تلامذة الزيتونة وفروعها.

أما شعبة "ج" المفرنسة تماما والعربية تدرس فيها كلغة حية فقد بقيت حية. أما زبناؤها التونسيين المسلمون فهم أبناء الأعيان والنخبة المفرنسة.

2.- على صعيد تعريب التعليم: فقد تم الاحتفاظ بالسنتين الابتدائيتين الأولى والثانية معربتين بينما أقرت الازدواجية في السنوات الأخرى التي بقيت الرياضيات والعلوم تدرسان فيها بالفرنسية خصص للعربية 10 ساعات وحظيت الفرنسية بـ15 ساعة.

3- .أما على صعيد تعميم التعليم ودمقرطته فقد حقق هذا الإصلاح نتائج كمية باهرة تمثلت في انتقال نسبة التمدرس بالابتدائي من 26 % سنة 55-1956 إلى 80% سنة 65-1966 (90% في صفوف البنين و50% في صفوف البنات).

يتضح مما تقدم أن ما تحقق خلال سنوات المخطط العشاري كان مزيجا بين أهداف المشروع الذي وضعته اللجنة الوطنية ومشروع الخبير الفرنسي دوبييس.

وهكذا تم توحيد التعليم على حساب الزيتونة وروافدها وتم إقرار الازدواجية اللغوية وهيمنة الفرنسية في الابتدائي انطلاقا من الثالثة ابتدائي والثانوي والعالي وتم إنشاء الجامعة التونسية.

ولكن تم تعميم التعليم ودمقرطته. وهي نتائج تؤكد ميل السياسة التربوية منذ الاستقلال إلى الحلول الوسط وذلك من خلال الازدواجية اللغوية إرضاء لتيار الفرنسة وتعميم التعليم إرضاء لتيار التعريب ونشر التعليم على أوسع نطاق.

III.وضع التعليم طوال عقدي السبعينات والثمانينات:

تأثر التعليم بتونس أيما تأثير بالأحداث الطلابية العنيفة التي شهدتها تونس في مارس 1968 تلك الحوادث التي هزت كيان الدولة والحزب الحاكم لاتساعها وعنفها وشعاراتها وتأثرها بالثورة الشبابية الفرنسية واعتبر المسؤولون أن هذا الانفجار نتيجة تعميم التعليم وغلبة النزعة الكمية وغياب السمة الكيفية.

فاتخذت السلطة إجراءات عديدة من إعادة هيكلة الجامعة في اتجاه مزيد مركزة القرار الجامعي وربط القبول في الجامعات "بحاجيات البلاد".

أما في الثانوي فقد تمت تصفية الشعبة المعربة "أ" بصورة نهائية وإعطاء طلبتها "فرصة تعلم الفرنسية" بذريعة تمكينهم من متابعة دراستهم في المؤسسات الجامعية وفي الابتدائي وقع تبني توجه إجبارية التعليم من دون أن يصدر آنذاك قرار في الغرض.

والتراجع عن التعريب بالبدء في تدريس اللغة الفرنسية انطلاقا من السنة الأولى ابتدائية بدل السنة الثانية والثالثة !!

على أن أهم قرار عرفه نظام التعليم في تونس "إصلاح 1970" هو قرار تمهين التعليم. ولقد أفرزت هذه الإجراءات عيوبا كثيرة ولا سيما في ظل حكومة الهادي نويرة ليبرالية التوجه التي رفعت شعار"ملاءمة التعليم مع البنيات الاقتصادية".

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article