Le Retour des Exiles

Publié le par BOUCHADEKH Abdessalem

 

 

 

بسم الله الرحمان الرّحيم

راجعون راجعون ولو كره الكارهون وبهويّتنا متمسّكون

 ثقتنا في الله إن وعد الله حقّ

ولا بد للقيد ان ينكسر ولو بعد حين

الحكمة تقتضي ترك عقلية تبسيط الأمور و استعجال النتائج و الاستخفاف بالآخر

لا تنمية بدون ضمان حقوقّ المواطنة الغير منقوصة 

 

لا حياة كريمة بدون المحافظة على الهوية العربية الاسلامية  

"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم" (آل عمران 103)

"قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله" (سورة يوسف 108)

" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة"(النحل - 125)

" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء، و اتقوا الله " (النساء - 1)

 

 

باريس في 20 سبتمبر  2008

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

 

إننا نعتقد أن الظاهرة الإسلامية بكل مسمياتها هي التي تتصدى للحالات اليائسة و البائسة وتسعى للخروج بالأمة من وضعها الحالي الى شاطئ النجاة بحول الله بافتكاك الحقوق وخدمة الشعوب من اجل تحقيق الإنسان برضاء الله تعالى في العيش الكريم والعلم السليم والفكر الصافي النقي من الانهزامية بعد تلقيحه ضد الافكار الهدامة المستوردة.

ان الحركات الإسلامية في العالم كسبت كل هذه الشعبية لتبنيها المنهج الذي يلتقي مع توجهات الغالبية من أبناء الأمة، ليس من زاوية الدين والتدين فحسب بل من زاوية رفضها للفساد والاستبداد، وسعيها لاستعادة أمجاد الأمة واستعادة كرامتها وحريتها وعزّتها بمقاومة الهجمة الصهيونية والغربية عليها، فإذا كان ذلك سينتهي بهم الى سلطة في دولة بائسة، تابعة للغرب الحقود والغاصب للأرض و الثروة، فلماذا ستتبعهم الجماهير يا ترى؟!

المحاسبة أوّلا : انه من الضروري تحديد المسؤولية اولا قبل ان نجدد العمل مع المغامرين الذين قادوا المواجهة من مواقع متقدمة جدا واوصلونا الى طريق مسدود لا زلنا ندفع ثمنه من غير نشاركهم في صنع القرار وهؤلاء يعرفون انفسهم واللبيب بالاشارة يفهم.

لقد آلت حركة النهضة التونسية في مستوى الكثير من رسمييها حركة سياسية تحافظ اضطرارا وشكليا وبأسلوب تلفيقي ومفتعل على هويتها ، وتراوح بين خيارين سياسيين في داخلها.

الإشكال الأوّل البيان هو إشكال الحرية ، في حين أن الإشكال الثاني هو إشكال الهوية الحضارية ، بين أن نستمسك بهويتنا الحضارية الإسلامية وتتجدد في إطارها ، وبين أن تتحول إلى الهوية الغربية العلمانية بالتدرّج وتدخل هويتنا الأصلية إلى التراث الذي يمكن أن نحافظ عليه ونتزين ونتغنى ببعضه بأسلوب الانتقاء وحسب المقام والاقتضاء.

وهذا ما تقول به السلطة والغرب على السواء . و مثل هذا الخيار الذي لم ينجح الرئيس السابق في تحقيقه طول حياته هذا الخيار الغير الشعبي يفرض بالضرورة بالاكراه والقمع والاستعباد، مما يولد عن هذا الإشكال الأصل : الهوية، إشكال الحرية.  

فالسؤال المطروح الآن هو هل يُضيّع الإشكال الأصل ويؤسس على المتولد ؟

وهنا نستنتج و نلاحظ منذ بداية التسعينات انزلاق حركة النهضة  وكرسه بعض إخواننا في غيبة الكثير من مؤسيسيها و أعضائها ، من حركة بعثت من أجل الحفاظ على الهوية إلى إختزالها في حركة من أجل فرض الحرية وبالمضمون السياسي . إن الأمر أصبح يقتضي بنا الآن قبل الغد العودة إلى أصولنا وجذورنا وإلى  حقيقتنا، وإلى التذكير بها والاحتكام إليها.

إذ ان الحركة الإسلامية التي عرفت بالجماعة الإسلامية بتونس، ثم الاتجاه الإسلامي حسب التعريف السائد في الجامعة التونسية في اواخر الستينات، ثم حركة النهضة في اوخر الثمانينات، بدأت بأقدار كبيرة من العفوية والتلقائية والفطرية، وكان همها ومشروعها وهدفها الإسلام ، والدعوة بالكلمة الطيبة والخطاب والمقال الصحفي من اجل التمكين للاسلام في تونس.

وأما مضمونها فكان يدور حول ال خالقنا أولا- كما تُعَرّفنا به أسماؤه الحسنى- هو ربنا ومولانا، وهو غايتنا في كل شأننا وعملنا. والقرآن باعتباره رسالة ربنا إلينا وإلى كافة التونسيين والناس أجمعين لتكون دستور حياتنا ، حاكمة ومهيمنة على كل المراجع الأخرى. وكذلك سنة نبينا باعتبارها منهاجنا المرشد في فهم رسالة ربنا وفي تطبيقها. و لا نغفل عن المجتمع والمحيط الذي نعيش فيه لان دعوتنا هي دعوة ربانية و واقعية يعني بشؤون المجتمع للتأثير فيه بالحجة وبدون اكراه.

و حيث أن “كل من أخطأ عليه أن يتوب"، وهي بشرى للمذنبين في حق الأمة الاسلامية والشعب التونسي بأكمله ومعبرة. وهي معبرة على خيرية يكتنزها العاملون بهذه القاعدة سواء أكانوا أفرادا أو جماعة كما نص عليه الحديث النبوي الشريف:”كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون". وهذه خيرية لا تنقطع في المسلمين وفي الأمة ، وهي خيرية راجعة إلى الله، ذاكرة، عابدة.

وهذه النتيجة هي مبشرة بعزم على التصويب والتقويم والتصحيح. وفي هذا تطهر وتزكية وإرجاع الأمور إلى نصابها في ما مضى من عمل بما في ذلك ما تعلق منه بحقوق الناس. ومثل هذه التزكية وهذا التطهر وهذا التقويم هام وضروري جدا لتجديد الإنسان (أفرادا وجماعة) نفسه وإيمانه ومسيرته.)

وأنا أضمّ صوتي لمن دعى ويدعو حركة النهضة إلى التوبة، فهي أحوج ما تكون إليه، وضرورة شرعية لها ، بعد الذي وقعت فيه من انزلاقات، ومنهجا للخروج مما تعيشه من شدة وبلاء، مصداقا لقوله تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب".

هنا الدعوة إذن حركة النهضة إلى المراجعة والتوبة، وأدعوها أن تكون قدوة في ذلك للتونسيين أفرادا وجماعات، وأن تجعله منهج عودة إلى الله ، ومنهج تصحيح وتقويم، ومنهجا للاستنهاض والخروج من الشدة والبلاء. قال تعالى :(الم يان للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) (سورة الحديد ، آية 16 )

وللتوضيح فان المحاسبة ليست دعوة لنشر الغسيل في الاعلام او عبر الفضائيات ولكن في داخل الاطر التنظيمية للحركة بعد ارجاعها الى موقعها الاصلي في الداخل بالدعوة الى عقد مؤتمر خارق للعادة للشفافية و تحديد المسار والخيارات و استخلاص العبر و الدروس من الاخطاء السابقة على اعتبارها اجتهادات غير صائبة.

اقول لهؤلاء كيف تكون لكم الجراة والشجاعة وتتحدثون باسم حركة النهضة بعدالكارثة والمصيبة التي حلت بها من جراء اندفاعكم واستهتاركم بقوة عدوكم وتغريركم بخيرة ابناء هذه الحركة التي تاسست على التقوى والعمل الصالح باستغلالكم لرصيد التربية الذي تعلمناه في الخلايا التربوية والمبني على السمع والطاعة في المنشط والمكره والثقة الا متناهية في القيادة .

ارجاع قرار الحركة للدّاخل ثانيا : كيف نطوي صفحة الماضي واخوان لنا مازالوا يؤنون في السجون امثال نجيب الواتي والدكتور الصادق شورو التقي الزاهد والمتواضع ونورالدين العرباوي المثقف الرقيق ورضا البو كادي الذي يتصارع مع المرض شفاه الله وعافاه وغيرهم كثير.

ادعوكم ان لا تمنوا علينا ولاتقارنوا الايام التي قضيتموها في السجن قبل 87 هي سجن بل هي نزهة مقارنة بما قاصاه ويقا صيه الاخوة الى حد الان.

لا تنسوا القهر والاذلال والخصاصة التي لحقت الاخوة المسرحين وعائلاتهم المسجونين في السجن الكبير امثال الصرح الشامخ الدكتور منصف بن سالم  والحائز على اكثر من دكتوراه ويبيع في الخضر. لا عيب في امتهان التجارة فقد كان الانبياء يسرحون بالابل والغنم وهي افضل من التقاف فتات الوظيمة العمومية.

وهل لنا ان ننسى الاخوة الشهداء الذين قضوا نحبهم تحت التعذيب والذين استشهدوا جراء الاهمال  المتعمد داخل السجون اذا نسي القائمين في المهجراو تناسوا فها نحن نذكرهم اليس كل هؤلاء ضحايا شطحاتهم وغرورهم الاعمى وسيلسلت الهروب الى الامام . الذين قادوا مرحلة المواجهة كنتو لا زلت مختلف معهم على الدوام في اسلوت التغيير ولم انازعهم الامر. هؤلاء هم جزء من هذا الماضي التعيس واول شر ط من شروط نسيان الماضي هو ان يستخلصوا العبرة و يسلموا الامانة الى اهلها لانهم لو يكونوا اهلا لها.

ندعوا هؤلاء ان يستفيدوا من الغرب الذي منحهم ملاذا آمن كيف يمارسون الديمقراطية كل قيادة حزب تخوض انتخابات وتحقق نتائج سلبية الا وتنسحب من الساحة.

بل يكفيهم ان يتعلموا من غيرهم في الساحة التونسية الم ينسحب الاستاذ احمد المستيري من الحياة السياسية اثر هزيمته النكراء في انتخابات 1989 اين العزة والكرامة والشهامة لهؤلاء الذين بعطون الدروس لغيرهم في الفضائيات.

ان ذكر اسمائكم او سماع اصواتكم تحظر امام اعيننا سنين الجمر انظروا الى واقع الحريات بالبلاد كيف تاخر خمسين سنة الى الوراء كان الاحرى بكم ان تكون لكم الشجاعة الكافية وتعلنوا مسؤوليتكم وتطلبواالعفو من الله أولا والاعتذار من الاخوة وتنتظروا حكم الله والتاريخ .

الا ان تركزوا في كتاباتهم على سيرتهم الذاتية البطولية واقناعنا ان القواعد هي من دفع الى المواجهة وان القيادة كانت مضطرة للسير وراء القواعد مقارنين ما وقع لنا لما وقع في غزوة احد عندما اضطرالرسو ل صلى الله عليه وسلم لقبول راي اغلبية الشباب الحديث العهد بالاسلام والمتشوق للجهاد رغم ان الذي وقع عندنا هو العكس فالقيادة هي التي نز لت الى الجهات لاقناع القواعد ان الحركة ومشروعها مهددان في الصميم .

وان معركتنا المرحلية هي فرض الحريات وان القيادة هي التي ستحدد توقيت المعركة وحجمها ونسقها وما على القواعد الا ان تكون جاهزة ومتحمسة ومتحفزة الى كل ما يطلب منها .

اما اخواننا الذين استقالوا او انسلخوا او جمدوا وضعيتعم والان يريدون الرجوع من النافذة بتنصيب انفسهم واعضين سياسين دافعين البعض الى تحبير مقالات او اجراء بعض الحوارات تذكرنا بتاريخهم الناصع وبطولاتهم او كتابات مقالات بانفسهم تتحدث عن الاعتدال والتسامح مساوين بين الجلاد والضحية و يتناسون دورهم في هذه المأساة.

 فالحركة الآن مقسمة الى ثلاث اجزاء: جزء في الغربة منذ اكثر من20 سنة ترعرع اولاده وكبروا بعيدين عن وطنهم عن اهاليهم يحملون جنسية البلد الذي يقيمون فيه وكلما قام تنظيم القاعدة بعملية الا ووجدوا انفسهم يدفعون الثمن بالوكالة يعيشون بين حلم العودة او الرجوع في توابيت في ارض رفضت استقبالهم احياء فاستقبلتهم جثثا هامدة.

وجزء ثان مازال في غياهب السجون نسأل الله سبحانه وتعالى ان يعجل بسراحهم.

وجزء ثالث خرج من السجن الصغير الى السجن الكبير محاصرا سياسيا واقتصادبا واجتماعيا وسلطة متربصة بكل من تحدثه نفسه بتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها وهي عدم الاهتمام لامن قريب ولا من بعيد بالشان العام وما الاستدعائات والتحقيقات مع كل من الاخوة علي العريض وعبد اللطيف المكي والصحبي عتيق و عبدالله الزواري وغيرهم كثير......الخ. و صدق الله العظيم اذ قال : "واما الزبد فيذهب جفائا واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض " صدق الله العظيم.  

ان الميزان الدولي حاضر ومنخرم. صحيح أن الإشتباك طالت آثاره أكثر من اللزوم حتى أضحت تونس إستثناء عربيا وإسلاميا في عين الدوائر الحقوقية والإعلامية شرقا وغربا .. ولكن عزاؤنا فيه أن الحركة جنبت البلاد صراعا دمويا قذرا تلطخت به الجزائر من حولنا وبلدان عربية وإسلامية أخرى.

إلتزمت الحركة بمقولة " كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ". يستوي الآن في ذلك ـ درء لنازعة جدل عقيم ـ أنها كانت عاجزة عن إشعال نار الفتنة أو أنها تجرعت كأس الموت المر بصبر. العبرة بالنتيجة وهي أن تونس ظلت قابلة لطي صفحة إشتباك لم تسل فيه الدماء إلا دماء المساجين الذين عذبوا حتى الموت أو الذين منع عنهم الدواء حتى قضوا ..  إشتباك مازالت فيه حلقتان مهمتان جدا : خروج المساجين القابعين منذ عقدين كاملين تقريبا وعودة المنفيين الرابضين منذ أزيد من ربع قرن وأدنى من ذلك بقليل.

حلقتان جديرتان بالفك بين يدي محطة 2009 الإنتخابية وما يلي ذلك ويستتبعه يندرج ضمن المغالبات التي تجمع السلطة بالمعارضة في كل بلد عربي أو غربي ديمقراطي أو إستبدادي.

إن مما يبطئ فك الإشتباك بأقدار معتبرة بما يبعث على القلق حقا ليس هو المستوى المحلي الوطني بما فيه من قوى غير ديمقراطية ولكنه المستوى الدولي الذي يتميز حيال قضية الحريات في تونس بميزتين كبيرتين : أولهما أنه مستوى نافذ فينا نفاذا كبيرا وثانيهما أنه منخرم بالكلية لصالح الإستبداد والدكتاتورية

بعض المهجرين يعتبر قضية التهجير ثانوية مقارنة بقضية المساجين وأنه ينبغي التركيز إعلاميا على هذه الأخيرة وعدم التشويش عليها بملفات أخرى. كلمة حق أريد بها تبرير عجز. صحيح أن قضية المساجين السياسيين ذات أهمية قصوى وهي تستوجب تضافر الجهود السياسية والإعلامية من أجل التعريف بها في جميع المحافل المحلية والدولية."

إن المطلوب اليوم تجاوز الخلافات السياسية في طابعها العدائي من أجل تفعيل قيمة التضامن الوطني باتجاه الاستيعاب الناجع للمشاكل والتحكم الأكثر نجاعة وسيطرة على القضايا والمعضلات المزمنة والمستفحلة

ايمانا منا بنبذ الصراع الطبقي وكذلك الصراع بين الاجيال اذ اننا نأمن بالتكامل والتكامل و التضامن بين جميع مكونات المجتمع فقيرها وغنيّها كبيرها وصغيرها القويّ فينا يحمي الضعيف والغني فينا يساعد الفقير والقويّ فينا يأخذ بيد الضعيف.

فالمطلوب، الكف عن مصادرة حق الفئات الاجتماعية المتضررة من ديناميكيات التجويع العالمية بتعزيز السياسة الاجتماعية وتطوير آلياتها التضامنية وتوسيع مظلتها الحمائية وتنويع أشكالها بالقطع مع الخطاب الحزبوي لأنه لا يليق بشعب يحب الحياة ولنفتح المجال لخطاب تضامني يصالح بين المجتمع والدولة ويجمع الطاقات في مواجهة التحديات.

ومن الحكمة والفقه الحسن ومن الوعي والإدراك للحظة التاريخية وللمعاناة التي يعيشها شعبنا وعظم المسؤولية الملقاة علينا قبل غيرنا في هذه المرحلة التاريخية بالذات لأننا أصحاب رسالة واصحاب قضية وعلينا بالاحتساب الى الله العلي القدير والصبر والمصابرة والمرابطة. وصدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: "يا ايها الذين آمنوا اصبروا و صابروا  و رابطوا و اتقوا الله لعلّكم تفلحون" (آل عمران - 200)  اذ نحن نأمن و ندعو على الدوام الى المصالحة والمصارحة وفكّ الاشتباك بين الجميع والحوار وبالحوار فقط يمكننا ان نتخطى الصعاب مهما كبرت وشعارنا "يسعى بذمتهم ادناهم وهم يدا على من سواهم".

وأعتبر ظهورظاهرة التيار السلفي بهذا الشكل هونتيجة منطقية لمحاربة الظاهرة الدينية على إثر ضرب الحركة الاسلامية في التسعينات وهي رد فعل على محاصرة الإسلام وغلق المساجد و مضايقة النساء المتحجبات ونشر خطاب ديني رسمي لا رائحة له ولا طعم بعيد عن قضايا المجتمع و الأمة وهو رد فعل على محاولات العلمنة التي لم تعد خافية على أحد ... هذه العلمنة التي تجاسرت على الإسلام واهله في ظل وضع دولي معاد للأمة الاسلامية وخاصة في فلسطين و العراق وأفغانستان ولبنان فبحث الشباب عن دينه في الانترنت و الفضائيات والمشائخ .

والحركة الاسلامية التونسية لحما ودما هي قادرة على تأطير هذه الظاهرة السلفية وترشيدها نحو الوسطية والاعتدال لو توفر مناخ الحرية في المجال الدعوي . أما عن مكاسب الحداثة والتنمية فإن الاستبداد وخنق الحريات والإمعان في احتكار السلطة هو أخطر ما يهدد البلاد.

واننا منشغلين شديد الانشغال لما يتعرض له المساجين السياسيين السابقين من اضطهاد وتنكيل ومتابعة أمنية مستمرة ومن حرمانهم من أبسط حقوقهم المدنية بعد خروجهم من السجن وكذلك ما يتعرض له أهالي الحوض المنجمي من محاكمات واعتقالات التي لا تساهم في توفير السلم الاجتماعي والسياسي و ما تزيده الا احتقانا وتأزما.

إن حجم مأساة المساجين وثقلها الأخلاقي، جعل الجميع يلتف حولها كأولوية عبرت عن نفسها ضمن أداء ميداني مثابر، تداولت عليه مختلف الفعاليات الوطنية في الداخل والخارج، في حلقات مشرقة من النضال الوطني، واكبها بروز نسيج جمعياتي متعدد المواقع والأدوار في الداخل والخارج، نجح بتنوعه وحيويته و فاعليته، في استنصار رأي عام دولي مجمع على مساندة مطلب الإفراج عن مساجين الرأي بالبلاد. 

لقد ضغطت القوى الوطنية في السنوات الخالية على جرح المنفى بوعي ومسؤولية وتقدير سليم، لفائدة إبراز مأساة المساجين. وكان للمهجر دور حاسم في التعريف بمعاناة المساجين حيث تجند المنفيون في معركة الدفاع عنهم بما تيسر لهم من إمكانيات وعلاقات في خط متكامل مع جهود الداخل. 

الآن في سلّم الأولوات حان الوقت للعمل الجماعي الجاد والمسؤول على الاهتمام بملف المهجرين التونسيين، المشتتين منذ اكثرمن العقدين على عشرات البلدان وفي جميع القارات.

العودة حق واسترداده واجب : إيمانا منّا بأن تونس الحبيبة هي لجميع المواطنين بقطع النظر لانتمائهم الحزبي وهم سواء أمام القانون و حيث أن حقّ العودة مكفول للجميع دون استثناء بمقتضى الفصل 11 من الدستور التونسي الذي ينصّ "يحجر تغريب المواطن عن تراب الوطن أو منعه من العودة إليه"، وأمام سياسة التجاهل والابتزازو التسويف حينا والإذلال و الاهانة في التعامل مع ملف المساجين، ثم في السنتين الأخيرة مع ملف المهجّرين قصرا، سياسة مرفوضة من حيث المبدأ([1]). 

وإنه من الطبيعي بل من المطلوب أن يزور المواطن التونسي بلده ويلتقي بأهله حتى تترسّخ أواصر صلة الرحم ويبقى الأبناء  مشدودين لموطن الآباء والأجداد، ومن أجل القبول بفكرة التعددية والتنوع الثقافي واكتساب خبرة في الحياة من خلال التعرّف عن قرب على خصوصيات الهوية الثقافية والحضارية للمجتمعات العربية الإسلامية، بالرغم من السلبيات الناتجة عن العولمة المفروضة على  هذه المجتمعات.   

لكن الملاحظ أن التوصيات والأوامر تأتي بحسن التعامل مع "مواطنينا بالخارج" وعدم إزعاجهم في الجمارك وتسهيل مرورهم وإجازاتهم الصيفية، بخلفية أن هذا الصنف من المواطنين له حساسية خاصة تجاه قضية احترام كرامة الفرد، باعتبار أغلبهم مواطنون ينتمون أيضا إلى  بلاد أوروبية غربية تولي مسألة الحريات وحقوق الإنسان أهمية خاصة.

وتتجنب السلطة أي احتكاك مع هذا الصنف بالنظر لمخلفات الصورة التي تجتهد في تسويقها إلى الخارج، إضافة إلى كسب أصوات هذه الشريحة في المحطات الانتخابية، وتوظيف وزنها الاقتصادي بالاستفادة من عمليات تحويل العملة الأجنبية وجملة الاستثمارات التي تقوم بها في البلاد.

والنتيجة وجود بَوْن شاسع في التعامل مع  مواطنين من درجة أولى يقيمون  في الخارج وآخرين من درجة ثانية يعايشون الواقع اليومي في الداخل. ومن السهل ملاحظة ذلك من خلال نوعية التعامل اليومي مع المواطن في الداخل خارج موسم الصيف.

أما المواطن المخالف للسرب سياسيا فهو من درجة ثالثة أو رابعة... حتّى يروّظ من اجل ان يثبت ولاءه للسلطة. فليس طبيعيا وليس مقبولا في تونس القرن الواحد والعشرين، أن يبقى مواطنون تونسيون حبيسي زنزانات السجون ومحرومين من اللقاء مع أهاليهم والتمتع بحرياتهم داخل وطنهم لمجرد كونهم معارضون سياسيون.

كما انه ليس من الطبيعي أن تُحرم  عائلات من الدخول إلى تونس ولقاء الأهل والأحباب إما بسبب منع بعض أفراد العائلة من جواز السفر، أو بسبب عدم رغبة السلطة في تسوية قانونية لوضع المهجّرين الذين اضطروا إلى اللجوء إلى المنافي لأسباب تتعلّق بالوضع الأمني وبملف حقوق الإنسان في تونس. إن تونس للجميع لابن البلد وللضيف الأجنبي السائح. وهي وطن لكل التونسيين في الداخل والخارج، مهما كانت انتماءاتهم الفكرية  والسياسية. و عليه  فإننا نطالب ونلحّ في طلب العودة الآمنةالتي تضمن الحق في التنقل و الإقامة ، خاصة وأن القضايا التي حوكم فيها المهجّرون، قد سقطت بالتقادم.

ندعو لعودة كريمة، تضمن حقوق اللمواطنة الغير المنقوصة التي يضمنها الدستور والقانون.إذ ان محنة التهجير والمنفى قد طالت، اكثر من اللزوم ّ العمل الموحّد والمنظّم والفاعل، دفاعا عن الحقوق الدستورية المشروعة في العودة إلى ارض الوطن. في ضل عودة شريفة، في مستوى  شرف قضيتنا، ومسؤولة في حجم تضحياتنا من أجل حرية وكرامة وعزة شعبنا.

لقد اتفق مجموعة من المهجّرين التونسيين اطلقوا نداء لعودة المهجرين التونسيين بتاريخ 25 جويلية 2008 كان عددهم في البداية 65 موزعين على جميع اقطار المعمورة و هم في ازدياد على مرّ الايام اذ تجاوز عددهم الآن 144وهم في ازياد. و قد كنت من اول من استجاب لهذا النداء الوطني الصادق. وهم 54 من فرنسا و 30 من المانيا و 15 من سويسرا و13 من بريطانيا و بيقية الاقطار اعداد متفاوتة من الصين والبوسنة و النمسا واوستراليا و كندا والسويد وايطاليا والنرويج وقطر.الخ.

 

إن المطلوب اليوم تجاوز الخلافات السياسية في طابعها العدائي من أجل تفعيل قيمة التضامن الوطني باتجاه الاستيعاب الناجع للمشاكل والتحكم الأكثر نجاعة وسيطرة على القضايا والمعضلات المزمنة والمستفحلة

ايمانا منا بنبذ الصراع الطبقي وكذلك الصراع بين الاجيال اذ اننا نأمن بالتكامل والتكامل و التضامن بين جميع مكونات المجتمع فقيرها وغنيّها كبيرها وصغيرها القويّ فينا يحمي الضعيف والغني فينا يساعد الفقير والقويّ فينا يأخذ بيد الضعيف.

فالمطلوب، الكف عن مصادرة حق الفئات الاجتماعية المتضررة من حملات التجويع العالمية عن طريق الاحتكار للمواد الضرورية بتعزيز السياسة الاجتماعية وتطوير آلياتها التضامنية وتوسيع مظلتها الحمائية وتنويع أشكالها بالقطع مع الخطاب الحزبوي لأنه لا يليق بشعب يحب الحياة ولنفتح المجال لخطاب تضامني يصالح بين المجتمع والدولة ويجمع الطاقات في مواجهة التحديات.

ومن الحكمة والفقه الحسن ومن الوعي والإدراك للحظة التاريخية وللمعاناة التي يعيشها شعبنا وعظم المسؤولية الملقاة علينا قبل غيرنا في هذه المرحلة التاريخية بالذات لأننا أصحاب رسالة واصحاب قضية وعلينا بالاحتساب الى الله العلي القدير والصبر والمصابرة والمرابطة. وصدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: "يا ايها الذين آمنوا اصبروا و صابروا  و رابطوا و اتقوا الله لعلّكم تفلحون" (آل عمران - 200)  اذ نحن نأمن و ندعو على الدوام الى المصالحة والمصارحة وفكّ الاشتباك بين الجميع والحوار وبالحوار فقط يمكننا ان نتخطى الصعاب مهما كبرت وشعارنا "يسعى بذمتهم ادناهم وهم يدا على من سواهم".

إطلاق سراح الصحفي سليم بوخذير : قبل ايام قليلة من ذكرى الاعلان عن الجمهورية في تونس وبموجب إطلاق سراح مشروط أفرج عن مراسل العربية.نت بعد مرور 8 شهور على اعتقاله. وجاء إطلاق سراح سليم بوخذير (36 عاما)، بعد حملة كبيرة من المنظمات الدولية المدافعة عن حرية التعبير وقبل أيام قليلة على احتفال تونس بذكرى إعلان الجمهورية وهي المناسبة التي يقع عادة الإعلان فيها عن العفو عن عدد من المساجين. و"إطلاق السراح المشروط" تعني في تونس ألا يرتكب السجين المفرج عنه أي خطأ قانوني أو أي جرم ويقوم بتحديد مكان إقامته، وفي حال ارتكب أي مخالفة يعاد إلى السجن لتمضية بقية العقوبة.

وكانت محكمة صفاقس بالجنوب تونسي قضت بسجن سليم بوخذير لمدة عاما كاملا نافذا في آخر سنة  2007 بعد ما أدانته بارتكاب ثلاث مخالفات هي "احتقار موظف عمومي" و"الاعتداء على الأخلاق الحميدة"، و"رفضه إظهار بطاقته الشخصية لرجال الشرطة". مع العلم أن سليم بوخذير لم يتناول الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في تقاريره، بل كتب تقارير صحفية عن مختلف الأحداث التونسية، سواء كانت سياسية أو اجتماعية، وغطى إضراب سياسيين تونسيين تغطية إخبارية كبقية وسائل الإعلام وسلّط  الضوء، في تقاريره، على جملة من القضايا التي تهم المجتمع التونسي، وترتبط بأحداث معينة تحصل فيه، من قبيل أوضاع الجامعيين وحقوق المرأة، فضلا عما ترصده جمعيات حقوق الإنسان من أوضاع للسجناء وغير ذلك.

وقد أسندت لجنة "بنشيكو" من أجل الحرية جائزة "القلم الحر" لسليم بوخذير كما منحته الجائزة أيضا لأحد أهمّ رواد الصحافة المستقلة بالجزائر بشير رزوق. وكان وفد من لجنة حماية الصحافيين الدولية قد زار تونس نهاية يونيو/حزيران المنصرم وطالب السلطات التونسية بإطلاق سراحه.

انتخاب أمين عام جديد لحزب العدالة والتنمية في المغرب : و اننا نهنئ الاخ عبدالاله بن كيران  بانتخبه امينا عاما لحزب العدالة والتنمية الاسلامي في المغرب في اواخر شهر جويلية 2008 ونتمنى على الله ان بسدد خطاه في خدمة حزبه الى ما فيه الخير والتوفيق وهو من الشخصيات البارزة في الحزب امينا عاما للحزب خلفا لسعد الدين العثماني.

وحزب العدالة والتنمية هو من اكبر الاحزاب المعارضة في البرلمان المغربي المؤلف من 325 مقعدا وفاز بعدد 46 مقعدا في الانتخابات التي جرت العام الماضي ليأتي في المرتبة الثانية بعد حزب الاستقلال المحافظ الذي يقود الحكومة المغربية.

ويؤيد عبدالاله بن كيران  التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني في المغرب ومختلف الجماعات السياسية كي يحظى بقبول الاسلاميين المعتدلين للحد من تصاعد نفوذ المتطرفين . وهو يعارض فصيلا اكثر تشددا في الحزب يدعو الى تقليص سلطات الملك الذي يعين رئيس الوزراء ويسيطر على الجيش والشؤون الدينية وهو من مؤيدي الملكية وان يركز نشاط حزبه على المشاكل اليومية.

ان الحرص على الحد الأدنى من الحفاظ على الهوية الإسلامية للبلاد التونسية في الوقت الذي يريد فيه جحافل العلمانيين المتطرفين تماديهم في الدفع نحو نزع ما تبقى من معالم تلك الهوية.

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article